إرميا

من كوبتيكبيديا
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

إرميا ومعناه (الرب يؤسس) أو (الرب يثبت) وقد ورد في الكتاب المقدس في المواضع الآتية:

1 - اسم رجل بنياميني من الذين انضموا إلى داود (1 أخ 12: 4).

2 - اسم رجل من سبط جاد من الذين انضموا إلى داود (1 أخ10: 12).

3 - اسم رجل آخر من سبط جاد انضم أيضا إلى داود (1 أخ 12: 13).

4 - اسم رجل كان رئيس بيت في سبط منسى من الذين سكنوا شرقي الأردن (1 أخ5: 24).

وقد ورد اسم هؤلاء الأربعة بصيغة (يرميا).

5 - اسم رجل من سكان لبنة، وكان أبا حموطل زوجة يوشيا الملك وأم يهوآحاز (2 مل 23: 30 و31).

6 - إرميا ابن حبصينيا وكان من الركابيين (إر35: 3).

7 - رئيس كهنة رجع من بابل مع زربابل (نح12: 1). وكان رئيس بيت سمي باسمه في الجيل الذي أعقبه (نح12: 12) وقد ورد اسمه بصيغة (يرميا).

8 - كاهن كان رئيس بيت من الذين وضعوا الختم على العهد ليبقوا في معزل عن الغرباء ويحفظوا شريعة الله (نح10: 2) وقد ورد اسمه أيضا بصيغة (يرميا).

9 - إرميا النبي العظيم. وهو ابن حلقيا الكاهن من عناثوث في أرض بنيامين (إر1: 1) وقد دعاه الرب للقيام بالعمل النبوي في رؤيا رآها وهو بعد حدث، فأحس بأنه لم يكتمل النضوج بعد، وبأنه قليل الخبرة وغير كفوء للقيام بهذا العمل العظيم ومخاطبة الرجال الذين يكبرونه سنا وخبرة ومركزا فمد الرب يده ولمس فمه وقال له (هَا قَدْ جَعَلْتُ كَلاَمِي فِي فَمِكَ. انْظُرْ! قَدْ وَكَّلْتُكَ هَذَا الْيَوْمَ عَلَى الشُّعُوبِ وَعَلَى الْمَمَالِكِ، لِتَقْلَعَ وَتَهْدِمَ وَتُهْلِكَ وَتَنْقُضَ وَتَبْنِيَ وَتَغْرِسَ).

وقد أخبره الرب أيضا بأنه سوف يلقى مقاومة عنيفة من الحكام والكهنة والشعب ولكنهم سوف لا ينتصرون عليه (إر1: 4 - 10) وقد بدأ عمله النبوي في السنة الثالثة عشرة من ملك يوشيا وبقي يقوم بهذا العمل إلى أن أخذت أورشليم في الشهر الخامس من السنة الحادية عشرة من ملك صدقيا (إر1: 2 و3). لذا فقد دامت خدمته مدة الثماني عشرة سنة التي حكم فيها يوشيا، والثلاثة الشهور التي حكم فيها يوآحاز والأحدى عشرة سنة التي حكم فيها يهوياقيم، والإحدى عشرة سنة والخمسة الشهور التي حكم فيها صدقيا. إذا فجملة مدة خدمته كانت إحدى وأربعين سنة. وحتى ذلك الحين لم يكن قد توقف بعد عن القيام بعمله النبوي

(إر42 - 44).

وكان رجال عناثوث مواطنوه في مقدمة من قاوموه، وهددوه إن لم يمتنع عن الاستمرار في عمله النبوي. ولكنه ثابر على القيام برسالته بالرغم من الاضطهاد. إلا أنه شعر بقوة وطأة هذه المقاومة لعمل الله والتي شنها عليه مواطنوه لذا فقد صرخ إلى الرب لكي ينزل بهم قضاءه (إر11: 18 - 21، 12: 3). أما العداء الذي ظهرت بوادره في عناثوث فقد ذاع وانتشر بعد حين حتى أصبح عداء عاما مما ألجأه أن يصرخ أيضا طالبا من الرب أن ينزل قضاءه بالمقاومين (إر18: 18 - 23، قارنه أيضا مع ص20: 12) ولكنه بقي أمينا لمهمته بالرغم من كل مقاومة واضطهاد. وفي السنة الرابعة من ملك يهوياقيم أملى إرميا نبواته التي نطق بها مدة العشرين سنة السابقة، وكتبها باروخ الكاتب في درج. وأخبر إرميا باروخ أن يأخذ السفر إلى بيت الرب وإن يقرأه على من يأتون من الشعب إلى الهيكل في يوم الصوم. ووصل الدرج في النهاية إلى الملك الذي بعد أن استمع إلى بعض فقرات منه مزق الدرج قطعا، ورماه في النار حتى احترق كله (إر36: 1 - 26) ولكن الرب أرشد إرميا أن يكتب درجا ثانيا كالدرج الأول وزيدت عليه إضافات أخرى (ص36: 27 - 32). وقام واحد من أعدائه وهو الكاهن فشحور الناظر الأول للهيكل وضرب إرميا وجعله في المقطرة. ولكنه أطلقه في اليوم التالي

(ص20: 1 - 3). وعندما كانت أورشليم محاصرة تدارست السلطات اليهودية نبوات إرميا الخاصة بتقدم الكلدانيين وسبي يهوذا الذي يعقب ذلك، ونظروا في هذه النبوات من الناحيتين السياسية والحربية بدلا من أن ينظروا فيها من الناحية الدينية وعلى الصعيد الروحي. وادعوا عليه إن نبواته ضد يهوذا وأورشليم ثبطت همم المدافعين عن المدينة. ولما رفع الكلدانيون الحصار إلى حين، وأوشك أرميا أن ينتهز هذه الفرصة للذهاب إلى عناثوث لبعض شأنه، اتهم بأنه فر ليذهب إلى الكلدانيين، وألقي في الجب (ص37: 1 - 15) وبعد أيام كثيرة أطلقه الملك صدقيا من حبسه وأخذه وسأله سرا عن كلمة الرب بشأنه فأخبره أرميا بأنه يدفع إلى ملك بابل. وأمر صدقيا أن يضعوا أرميا في دار السجن وأن يحسنوا معاملته بعض الشيء ولكن الرؤساء أخذوه ورموه في الجب ليموت جوعا

(37: 16 - 21، 38: 1 - 6) فأشفق عليه خصي حبشي واستأذن الملك في أن يرفع أرميا من وحل الجب فأذن له ورفعه وأخذه ووضعه في دار السجن. وكان هناك إلى أن أخذت أورشليم (38: 7 - 28) وقد علم الكلدانيون بما عاناه، واعتقدوا أنه قاسى كثيرا من أجلهم لذلك فقد أصدر نبوخذنصر أوامر صريحة بأن يحسنوا معاملة إرميا ووفقا لذلك أرسل نبوزردان الكلداني رئيس الشرطة إلى دار السجن وأخذوه وأحضروه إليه مع غيره من الأسرى إلى الرامة فأطلق سراحه ومنحه حق الاختيار في أن يذهب إلى بابل أو يبقى في وطنه فآثر أن يبقى في وطنه وأعطاه رئيس الشرطة زادا وهدية وأطلقه فأتى إلى جدليا بن أخيقام إلى المصفاة وأقام عنده في وسط الشعب الباقين في الأرض (ص 39: 11 - 14، 40: 1 - 6) ولما قتل جدليا حث إرميا الشعب أن لا يهربوا إلى مصر ولكن عبثا حاول أن يثنيهم عن عزمهم، ولم يذهبوا إلى مصر فحسب بل أرغموا إرميا على مرافقتهم في رحلتهم (ص 41: 1 و 43: 7) وقد نطق بنبواته الأخيرة في تحفنحيس في مصر (ص 43: 8 - ص 44: 30) ولا يعرف شئ عن موته ولا كيف كان ولا متى حدث ذلك. نبوات إرميا: تتجلى حياة إرميا الروحية في سفره بوضوح. ولقد كانت رسالته رسالة قضاة على شعبه ولذا فقد جلبت على رأسه مقت مواطنيه وبغضهم. واضطره ثقل حملها أن يتوجع بمرارة من أنه ولد (ص 15: 1، 20: 14 - 18) ولكنه بقي أمينا لرسالته وللمهمة التي ألقيت على عاتقه. لقد كان رجلا وحيدا، أسئ فهمه وافتري عليه واضطهد وكان مصير الجهود التي بذلها لأجل مواطنيه الفشل، وكثيرا ما قاسى عذاب السجن ولم يكن له عزاء سوى في الله وحده. لقد اضطرته ظروف حياته أن يلقي نفسه على الله، لذا فأمكنه أن يقدر عن بصيرة ومقدرة الشعور بالمسؤولية لله (ص 17: 9، 31: 29 و 30) ولذا فإننا نجد في سفر إرميا قوة الشعور بمسؤولية الفرد لله وحقيقة الشركة والاتصال بين النفس البشرية والله. والديانة بحسب مناداة إرميا هي ديانة القلب والحياة. لقد دعي للاضطلاع بعمله النبوي لخمس سنوات قبل اكتشاف سفر الشريعة في الهيكل أثناء إجراء بعض الإصلاحات في البناء. وكان لكلمات السفر أثر قوي في قلب الملك يوشيا. فقام بحرب شعواء على العبادة الوثنية وأجرى إصلاحات دينية كثيرة. فسرت في الشعب نهضة مباركة وعاد إلى عبادة الرب. وكان إرميا في تلك الأثناء يقوم بعمله النبوي على خير وجه فكان يحث الشعب على الطاعة مذكرا إياه بالعهد الذي عمله الرب معه وبأن الشر الذي أصاب الشعب لم يأت جزافا بل حل بالشعب نتيجة عصيانه. وأبان لهم أن الطاعة هي أولى مطالب هذا العهد (إرميا 11: 1 - 8) ولقد حذر إرميا قومه من أن يقتصر الإصلاح على الأمور الخارجية، بل ينبغي أن يصل إلى أعماق الحياة الداخلية، أي إلى القلب نفسه. وأعلن لهم في صراحة بأن الرب لم يطلب منهم الذبائح فحسب بل إنه يتطلب من الإنسان الاستماع والطاعة. وإرادة الله هي أن يحيا الناس حياة خلقية رفيعة (ص 7: 21 - 28 قارنه مع ص 6: 20 و 14: 20) والذبائح التي يرضى الله عنها هي ذبائح المستمع المطيع (ص 17: 24 - 26، 27: 19 - 22، 33: 10 و 11 و 18) أما صوم الذين يميلون إلى الزيغ عنه، وذبائحهم فغير مقبولة لديه (ص 14: 10 - 12) وتواكل الشعب واستهتاره، وهم يزعمون أن الرب حاضر في وسط الهيكل وبين شعبه فبطل وبهتان. وكذلك الارتكان على أن شريعة الرب في حوزة الشعب. فلا نفع إلا في الطاعة (ص 7: 4 - 7 و 8: 7 - 9) وينتج عن ذلك أن سيأتي وقت لا يذكر التابوت فيه (ص 3: 16) والله إنما ينظر إلى القلب فحسب (ص 11: 2 و 17: 10 و 20: 12) فعلى الإنسان والحالة هذه أن ينتزع من قلبه الشهوات الجسدية إن أراد أن يعبد الرب بالحق وأن يخدمه الخدمة التي تليق به وعليه أن يغتسل من شره وأن يرجع إلى الرب من كل القلب (ص 3: 10 و 4: 4 و 14 و 17: 5). وقد أنبأ إرميا بالعهد الجديد حين يكون للشعب قلب جديد وتكتب شريعة الرب في هذا القلب (ص 24: 7 و 1 3: 33 و 32: 39 و 40). ولقد وصف في رؤياه مجد المملكة العتيدة. ولذا فللحقائق التي أدلى بها مكانة راسخة، وقيمة أدبية في قلوب شعب الله. ولقد دونت بعض نبؤات إرميا أثناء حكم يهوياقيم ولكن الملك مزق الدرج وأحرقه (ص 36: 1 و 23) ولكن لم يمض وقت قصير حتى دونت مرة ثانية وزيد عليها نبوات أخرى كثيرة (ص 36: 32) والسفر في وضعه الراهن يشمل تلك النبوات، وكذلك ما نطق به النبي من نبوات بعد ذلك. وقد أعيد ترتيبها وتم إعدادها قرب ختام خدمة النبي. محتويات السفر: يحتوي سفر إرميا على مقدمة تسرد دعوة النبي للاضطلاع بعمله. وكيف كانت (ص 1) ويشمل السفر أيضا ثلاثة أقسام نبوية مرتبة بحسب الحوادث التي دعت إلى النطق بهذه النبوات (ص 2 - 51) ويختتم السفر بخاتمة تاريخية (ص 52). أما الأقسام النبوية الثلاثة فهي: (1) إنباء بالقضاء الوشيك أن يحل بيهوذا والوعد بالرجوع من السبي (ص 2 - 33) ويشمل هذا القسم أ: إعلان القضاء على يهوذا بوجه عام، بسبب شروره (ص 2 - 20). ب: إعلان القضاء على الحكام المدنيين والرؤساء الدينيين (ص 21 - 23). ج: إعلان الخطة التي سيتبعها القضاء والزمن الذي يستغرقه (ص 24 - 29). د: نبوة بالبركات التي تتبع القضاء (ص 30 - 33). (2) تاريخ وقوع القضاء (ص 34 - 44) ويشمل أ: إعلان القضاء على الفساد الذي كان متفشيا قبل خراب المدينة مباشرة (ص 34 - 38). ب: بيان بالخراب الذي حل بأورشليم وكيف كان وقوعه عليها. (ص 39) ج: حالة الشقاء التي كان عليها من بقي من السكان في البلاد والنبوات التي نطق بها النبي بشأنهم (ص 40 - 44). (3) نبوات على الأمم الغريبة (ص 46 - 51) ويمهد النبي لهذه النبوات بخطاب يوجهه إلى باروخ (ص 45). وقد تحدث النبي عن المسيا في (ص 23: 5 - 8 و 30: 4 - 11 و 33: 14 - 26) وكذلك تحدث عن عهد الرب الراسخ والثابت بين الرب وشعبه في (ص 3: 31 - 40 و 32: 36 - 44 وص 33). ويمكن ترتيب نبوات إرميا تاريخيا كالآتي: (أ) نبوات نطق بها في أثناء حكم يوشيا الملك وقد حكم يوشيا إحدى وثلاثين سنة. وبدأ النبي الاضطلاع بمهمته النبوية في السنة الثالثة عشرة لملك يوشيا وهذه النبوات مدونة في الأصحاحات 1 - 12 و 14 - 20. ولم يذكر الوحي أن النبي نطق بأية نبوة في أثناء حكم يهواحاز ومدته ثلاثة أشهر. (ب) نبوات نطق بها أثناء حكم يهوياقيم ومدته إحدى عشرة سنة. وهي مدونة في الأصحاحات 22: 1 - 19 و 25 و 26 و 35 و 36 وجزء من ص 45 وجزء من ص 46. (ج) نبوات نطق بها أثناء حكم يهوياكين ومدته ثلاثة أشهر وهي مدونة في ص 13 والجزء الأخير من ص 22. (د) نبوات نطق بها أثناء حكم صدقيا ومدته أحد عشر عاما وهي مدونة في الأصحاحات 21 و 24 و 27 و 28 و 29 و 32 و 34 و 37 و 39 وجزء من ص 49 وجزء من ص 51. (ه‍) نبوات نطق بها في يهوذا بعد سقوط أورشليم وهي مدونة في جزء من ص 39 وفي ص 40: 1 - 43: 7. (و) نبوات نطق بها في مصر وهي تشمل جزءا من ص 43 وكل ص 44. (ز) نبوات لم يذكر لها تاريخ ولكن فيها ما يمكن أن يستدل منه على الزمن الذي قيلت فيه على وجه التقريب وهي مدونة في الأصحاحات 23 و 30 و 31 وجزء من ص 45 وجزء من ص 46 وص 47 - 50 وجزء من ص 51. (ح) خاتمة، ص 52. والسفر هو الرابع والعشرون بين أسفار العهد القديم. وهو أهم مرجع لدينا عن تاريخ الربع الأخير من القرن السابع وأوائل القرن السادس قبل الميلاد. وأسلوب إرميا سهل العبارة سهل الفهم دقيق اللفظ يمثل لنا عصره والظروف التي جاز فيها فيذكر المنطقة لشد الحقوين (ص 13: 1 - 11) وزق الحمر (ص 13: 12 وما بعده) والفخاري (ص 18: 1 - 11) وإبريق الفخار الذي تكسر (ص 19: 1 - 3) وسلال التين (ص 24: 1 - 10) وفي أسلوبه الكثير من فحص النفس وامتحانها مما يدل على تقدم عظيم في الفكر الديني وانتقاله من النظر إليه من الناحية القومية إلى اعتباره شيئا يتعلق بالفرد وعلاقته بالله وأصبح للفرد قيمته وشخصيته المستقلة. فربما يزول الهيكل وتنتهي العبادة الرسمية للأمة كأمة ولكن يستطيع الفرد في أي مكان وفي أي وقت أن يرتفع إلى السماوات العلى في الشركة مع الله. وقد حمطت نبواته صنم وحدة وتماسك ونجاح وانتصار إسرائيل بزعمه أنه شعب الله المختار. فشعب الله في كل أمة تنقيه. فبذلك ارتفع الفكر الديني من ميدان القومية الضيقة المحدودة إلى آفاق السمو الروحي، فكل فرد يعبد الرب العبادة الحقة ويسلك السلوك الذي يرضيه يقبل لديه بغض النظر عن جنسه وقومه وأمته ولونه. هذه الديانة الشخصية التي يعتنقها الفرد بعد أن يتوب إلى الرب ويرجع إليه تصبح الأساس الذي يبنى عليه العهد الجديد الذي يكتب على القلب بين الإنسان البشري والرب في السماء. (أنظر إرميا 31: 31 وما بعده وص 34 ومواضع أخرى كثيرة في السفر). مراثي إرميا: اسم هذا السفر بالعبرية " ايكا " ومعناه " كيف " وهي أول كلمة في السفر وهو عبارة عن مجموعة خطابات رثاء تشبه الرثاء الذي نطق به داود توجعا على شاول الملك، وابنه يوناثان لما سقطا على جبل جلبوع (2 صم 1: 17 - 27). و " مراثي إرميا " أحد أسفار العهد القديم وقد ورد في الكتاب المقدس بعد سفر إرميا ولكن نجده في الأصل العبراني في القسم الثالث من أسفار العهد القديم المسمى " كتوبيم " أو " الكتب " وقد ورد بعد الجامعة وقبل أستير. ومما يجدر ملاحظته أن عدد أعداد كل من الأصحاحات 1 و 2 و 4 و 5 هو 22 عددا أما الأصحاح الثالث ففيه 22 عددا x 3 أي 66 عددا. ونعلم أن في اللغة العبرية اثنين وعشرين حرفا. وأعداد الأصحاحات 1 و 2 و 4 تسير مرتبة بحسب حروف الأبجدية العبرية فالعدد الأول من الأصحاح يبدأ بكلمة أولها " أليف " والثاني يبدأ بكلمة أولها حرف " بيت " والثالث يبدأ بكلمة أولها حرف " جيمل " وهلم جرا. أما في الأصحاح الثالث فالثلاثة الأعداد الأولى تبدأ بكلمات أول كل منها حرف " أليف " والثلاثة الأعداد الثانية تبدأ بكلمات أولها حرف " بيت " والثلاثة الأعداد الثالثة تبدأ بكلمات أولها حرف " جيمل " وهلم جرا. أما الأصحاح الخامس فلا يسير في ترتيب أعداده على هذا النظام الأبجدي. وموضوع هذا الرثاء هو غزو أورشليم وخرابها والآلام المروعة المرعبة التي قاساها المدافعون عنها في وقت الحصار من جوع وسيف. ويعلن الرثاء في صراحة أن خطايا الشعب كانت سبب الكارثة الدهماء التي حلت به. فما نزل بأورشليم وما أصاب شعبها كان نتيجة حتمية للتمرد على الله وعصيانه. وقد أبدع الكاتب في وصف الحوادث أيما إبداع بحيث يخيل للقارئ أنه يرى هذه الكوارث تقع بأورشليم أمام عينه. وقد اتفق النقاد على أن مرائي إرميا هي من أبدع وأروع ما كتب في العالم من رثاء. وقد يخيل للقارئ أنها كلمات دبجتها أقلام من نار بمداد من دموع. ولم يذكر في الكتاب المقدس اسم مؤلف هذا السفر غير أن التقليد جرى على أن إرميا هو مؤلف هذه المراثي. فقد جاء في الترجمة السبعينية، وفي فاتحة هذا السفر هذا القول: " وكان بعد سبي إسرائيل وخراب أورشليم أن جلس إرميا يبكي ورثى أورشليم بهذا الرثاء وقال " لذا فقد نسب السفر إلى إرميا من زمن بعيد جدا. وقد أخذت الترجمات القديمة وكتب التقليد كالفلجات والترجوم والتلمود وغيرها بهذا الرأي. وقد اتفق رأي العلماء على أن السفر كتب بعد سنة 586 قبل الميلاد. أي بعد خراب أورشليم مباشرة. ومن يدرس سفر إرميا وهذا السفر لا يمكنه إلا أن يرى بوضوح التشابه العظيم في الروح والأحاسيس والعبارات والاصطلاحات. وقد ورد في 2 أخبار 35: 25 أن إرميا رثى يوشيا الملك ولكن من الواضح أنه لا توجد علاقة بين ذلك الرثاء وهذه المراثي.